فجرت حملة “الشماتة” الأوروبية من زلزال تركيا، بعد الرسم الذي أطلقته مجلة شارلي إيبدو، موجة غضب واسعة في الشارع الأوروبي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وحسب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، فقد أطلق اليمين المتطرف في السويد على وجه الخصوص، وسما للشماتة بزلزال تركيا، وتصدرت العبارات الأكثر تفاعلا عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في السويد، بعد يومين من الرسم الكاريكاتوري الساخر من الزلزال لمجلة شارلي إيبدو الفرنسية.
الرسم المعني هو عبارة عن مبنى مدمر وسيارة مقلوبة، مصحوب بالتعليق التالي: “لا داعي حتى لإرسال دبابات!”. وهي جملة تشير ضمنيا إلى الحرب في أوكرانيا حيث فرضت تركيا نفسها كوسيط منذ بداية الصراع، بسبب علاقتها بروسيا.
✏️Le dessin du jour, par #Juin pic.twitter.com/kPcEqZDocO
— Charlie Hebdo (@Charlie_Hebdo_) February 6, 2023
“كارما” كانت العبارة المثيرة للجدل الذي أطلقها اليمين المتطرف للدلالة على الكارثة التي خلفها الزلزال في تركيا وسوريا، وتسبب حتى الآن بمقتل أكثر من 20 ألف إنسان في المناطق التي ضربها بكلا البلدين.
ووفقا لعداد التفاعل فقد بلغ عدد المشاركين في هذا الوسم، للهجوم على تركيا والسخرية من كارثة الزلزال، بين اليمينيين في السويد، أكثر من 72 ألف تغريدة. وفق ما ذكر موقع عربي 21.
كارما كلمة السر
وغرد الناشط السويدي (Oskar Johansson) شامتاً بالزلزال الذي ضرب تركيا بالقول حسب ما تابعت “أوروبا اليوم”، ” إنها تسمى كارما! الآن تركيا تطلب المساعدة. لكن قبل أيام قليلة فقط صرخوا ضد السويد. يجب أن نسحب كل المساعدات لكل الدول التي تحرق علمنا وتهددنا! “.
Det kallas Karma! Nu skriker Turkiet efter hjälp. Men för bara några dagar sedan så skrek dom emot Sverige. Vi borde dra in allt bistånd till alla länder som bränner våran flagga och hotar oss!
— Oskar Johansson (@TP_Immortals) February 7, 2023
فيما قالت (Celia)، ” يا له من أطفال قبيحين يحفرون في الأنقاض. لدي تعاطف فقط مع الحيوانات المصابة في تركيا. اللعنة على الناس. الرقم 7000 قتيل أتمنى أن يكون فقط الأتراك. يجعلني سعيدا جدا. انتظر … هناك المزيد في المستقبل … طعم الكرمة جيد جدًا “. حسب قولها.
Vilka fula barn dem gräver fram i ruinerna. Jag har bara empati för dem drabbade djuren i turkiet. Fuck människorna. Siffran på 7000 döda hoppas jag bara är turkar. Det glädjer mig enorm. Vänta …det kommer mer…karma smakar så jävla gott.
— Celia 🌹🎶 (@CICeider) February 8, 2023
بينما قال ثالث ” لا ، ليس بقدر ما يجب أن يذهب إلى تركيا الآن! يطلق عليها الكرمة عزيزي أردوغان ❗️ يمكن للآخرين مساعدتنا ولكن ليس نحن ! “.
Nej inte så mkt som en spänn ska gå till Turkiet just nu! Det kallas karma kära Erdogan ❗️ Andra får hjälpa till men inte vi ❗️❗️❗️
— Ann (@Ann48202378) February 6, 2023
ناشطون ربطوا حملة التشفي والشماتة بسبب رفض تركيا الموافقة على انضمام السويد لحلف الناتو، بعد سماح ستوكهولهم بحرق المصحف.
تجرد من الإنسانية
وقالت الكاتبة السويدية آيلا لوفينغ، في موقع “إكسبريشن” المحلي، تعليقا على حملة “التشفي والعنصرية” بحق الضحايا في تركيا: “كلمة كارما باتت شائعة في تويتر السويد، هذا التجرد من الإنسانية بات أمرا وحشيا”.
وأضافت: “بالكاد أتعرف على نفسي في هذه الأرض الجديدة المظلمة، وباتت كارما، تشير إلى أن هنالك أكثر من قلة من الحمقى الذين يفرحون بكارثة إنسانية”.
وتابعت بالقول: “تترك الكلمة مذاقا مرا وإدراكا كئيبا للإنسانية التي يبدو أننا فقدناها”.
العقاب الإلهي !
ورصدت خدمة فرانس برس لتقصي الحقائق العديد من التحليلات الغيبيّة والشائعات المضلّلة زادت من حدّة الذعر لدى سكّان بلدان عدّة في الشرق الأوسط، على وقع اهتزازات أرضيّة متواصلة تخطف الأنفاس، ومشاهد مروّعة من المناطق المنكوبة.
وقالت “فرانس برس” انه منذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال المدمّر الذي أتى على مساحات واسعة من تركيا والشمال السوري، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم العديد من تلك التحليلات والشائعات.
فبعد وقت وجيز على اهتزاز الأرض في دول عدّة من الشرق الأوسط فجر الاثنين الماضي، ومع بدء تردّد الأنباء الأوليّة عن زلزال في تركيا بقوّة 7,8 درجات، احتلّت المنشورات عن الزلزال وأسبابه وتداعياته وإمكان وقوع زلازل أخرى مساحات مواقع التواصل باللغة العربية وبلغات عدّة حول العالم. واستمرّ الحال على هذا النحو على امتداد الأيام الثلاثة التالية.
تفسيرات غيبيّة ونبوءات دينيّة
من أبرز المنشورات التي ضجّت بها مواقع التواصل، ولا سيّما في دول الشرق الأوسط، تلك التي ذهبت إلى تفسيرات دينيّة وغيبيّة لهذه الظاهرة الطبيعية.
ففيما سارع رجال دين مسلمون، على غرار الشيخ المصريّ عبد الله رشدي أو اللبناني سامي خضرا أو الكاتب السوري عبد الدائم كحيل، للحديث عن عقاب إلهي أو لاستحضار أحاديث منسوبة للنبيّ محمّد عن “قيام الساعة” أو نهاية العالم، ذهبت صفحات مسيحيّة للحديث عن نبوءات لقدّيسين عن “اختفاء تركيا” عن الخريطة، أو إلى استحضار ما نُقل عن المسيح في إنجيل لوقا عن خراب أورشليم وحلول “يوم الربّ” الذي يصفه الكتاب المقدّس بأنه “يوم عظيم ومخوف”.
أقوى هزة تحدث منذ عقود في سوريا الكبرى وتركيا…
فلعلها تكون عبرة وموعظة لقومٍ يعقلون :
"فلولا أطفال رُضَّع وبهائم رُتَّع وشيوخ رُكَّع لصببت عليكم العذاب صبا"
فاتعظوا يا أولي الأبرار— السيد سامي خضرا (@sayedsamikhadra) February 6, 2023
علينا أن تذكر كلام رسول الله الذي أخبرنا فقال: "لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يُقبَضَ العِلمُ، وتَكثُرَ الزَّلازِلُ، ويَتَقارَبَ الزَّمانُ، وتَظهَرَ الفِتَنُ"
توبوا إلى ربكم وأَسْلِموا له.— عبدالله رشدي (@abdullahrushdy) February 8, 2023
“عقاب تركيا” و”خراب دمشق”
وذهب البعض أيضاً لاعتبار ما جرى عقاباً لتركيا على تحويلها آيا صوفيا إلى مسجد، وبعد ساعات قليلة على وقوع الزلزال خاطب مستخدم لموقع تويتر الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان قائلاً “يا إردوغان، أعد كنيسة آيا صوفيا مثل ما كانت في التاريخ”.
في سياق مشابه، سارع الكاتب الإسرائيلي إيدي كوهين لتفسير ما جرى بأنه “غضب الربّ” على تركيا بسبب مواقفها السياسية، مستحضراً هو أيضاً نبوءات من سفر إرميا من الكتاب المقدّس العبريّ عن خراب دمشق، فيما كانت النقاشات دائرة على مواقع التواصل باللغة العبريّة حول ما إن كانت هذه الزلازل علامة على اقتراب ظهور المسايا (المسيح اليهودي).
“إساءة لله”
إزاء ذلك، نشر رجل الدين اللبناني المسلم ياسر عودة، المعروف بآرائه الدينيّة المعتدلة، فيديو وصف فيه هذه التفسيرات الدينيّة للكوارث الطبيعيّة بأنها “إساءة لله وتصويره كأنه إنسان يريد أن ينتقم بشدّة من الناس فيقتل الأطفال والنساء ويهدم البيوت”. وكذلك علّق حساب يحمل اسم “الكنيسة الأرثوذكسيّة من القدس” على هذه التفسيرات بالقول “من الأفضل في هذه المحن أن يفعل الإنسان ثلاثة أشياء فقط: أن يصمت، أن يصلّي، وأن يساعد”.
ورداً على قيل على مواقع التواصل العربيّة بأن ما جرى في تركيا وسوريا كان عقاباً إلهياً قال ياسر عودة المعروف بمواقفه الحادّة من النظام السياسي اللبناني وأحزابه الطائفيّة “لو كان عقاباً من الله لكنّا في لبنان أولى به لأننا نعيد انتخاب حكّامنا السارقين”.
“لا أحد يُذنب على سطح القمر”
من جهة أخرى، وفي ردّ غير مباشر على التفسيرات الغيبية للزلزال، نشرت صفحة “رّبّنا يطورّنا كلّنا” المصريّة الواسعة الانتشار، والمعنيّة بتقديم مادّة علميّة بأسلوب مبسّط، منشوراً عن الزلازل على سطح القمر اختتمته بالقول “جدير بالذكر أن هذه الزلازل تحدث هناك منذ ملايين السنين ولا يوجد حياة ولا كائنات حية ولا يوجد أى بشر يُذنبون أو لا يُذنبون”.
شائعات تغذّي الذّعر
فيما كانت فرق الإنقاذ تُهرع إلى المناطق المنكوبة في تركيا وشمال سوريا، مع اللحظات الأولى لوقوع الزلزال الذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى، كان مروّجو الأخبار المضلّلة يستفيدون من الاهتمام الإقليميّ والعالميّ بهذه المأساة لإلقاء أخبارهم المضلّلة وتحقيق مشاهدات عالية على صفحاتهم وحساباتهم، وقد عمل صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس على تفنيد عدد كبير من الصور والفيديوهات المستخدمة خارج سياقها.
من بين هذه المنشورات، شائعات عن تنبّؤ علميّ بوقوع زلازل مدمّرة تالية للزلزال التركي زادت حدّة القلق بين سكان مناطق واسعة من لبنان وسوريا والأردن والأراضي الفلسطينيّة، في ظلّ تواصل الاهتزازات في بلدانهم وتوالي صور المشاهد المرعبة من المناطق المنكوبة.
وقد اجتهد عدد من الخبراء في تهدئة السكّان والتشديد على أن أي توقّع زلزالي لا يعدو كونه ضرباً من الخيال، بعدما أدّى انتشار الشائعات إلى نزول سكّان مناطق عدّة إلى الشوارع ليلاً، منها مدينة طرابلس في شمال لبنان والضاحية الجنوبيّة لبيروت، وفقاً لصحافيي وكالة فرانس برس.
وليل الثلاثاء الأربعاء، انتشرت صور على مواقع فيسبوك وتويتر وإنستغرام قيل إنها تُظهر حالة ذعر في الشوارع في مدينة نابلس في الضفّة الغربيّة المحتلّة عقب زلزال ضرب الأراضي الفلسطينية. صحيح أن هزّة بقوة أربع درجات ضربت منطقة البحر الميت تلك الليلة، لكن الصور المستخدمة منشورة في العام 2017 على أنها عشية عيد الفطر من ذلك العام.