أطلق جزائريون حملة لمساندة الجارة النيجر التي تشهد “أزمة سياسية” بعد انقلاب قادة عسكريون على الرئيس محمد بازوم واحتجازه، ما قد يخلق بؤرة توتر أخرى في الساحل الأفريقي.
وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت، تحفظ بلاده على “الخيار العسكري لحل أزمة النيجر”، مشيراً إلى أن الجزائر “أعلنت معارضتها للانقلاب العسكري ودعت إلى عودة الشرعية الدستورية”.
رئيس الجزائر حريص على حل أزمة النيجر
وقال تبون في تصريحات صحافية: “نحن مع الشرعية الدستورية في النيجر، والجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها”، مضيفاً أن بلاده تدعو إلى حلّ المشاكل من طريق الدبلوماسية.
وشدّد تبون على “استعداد بلاده للمساهمة في حلّ أزمة النيجر”، مضيفاً أن “الجيش الجزائري قوي ومستعد لمواجهة الوضع الخطير والملتهب وحماية حدوده”، وأنه “لا حلول من دون مشاركة الجزائر”.
اقف مع النيجر
وابدى الشارع الجزائري رفضاً واسعاً للتدخل العسكري في النيجر، مؤيداً موقف رئيسه عبد المجيد تبون. حسب ما رصد موقع أوروبا اليوم من تفاعل واسع مع الهاشتاج الذي تصدر الترند على منصه “x” التي كانت تسمى سابقاً “tweetr”.
#اقف_مع_النيجر
✊🏾✊🏾✊🏾🇹🇩🇹🇩🇹🇩 pic.twitter.com/s5bTrTwlOm— Jebren جبرين (@jebren_) August 6, 2023
الشاب إبراهيم هو نموذج للشباب الرافضين للأستعمار، ونموذج للحكّام الأحرار، نموذج لجميع الزعماء، وحريته نموذج لكافة أحرار العالم،
عربي يمني #اقف_مع_النيجر #النيجر@AyatIdrissa pic.twitter.com/T0OpA5Y81q— مصطفى محمود (@Mustaffa2023m) August 6, 2023
يبدوا ان السياسة الغربية مستمرون في تفكيك الدول الاسلامية هذا ليس بغريب
الجريمة البشعة :من الدول المجاورة لدولة جارة وشقيقة تقوم بالعدوان عليها وذبحها من الوريد الى الوريد من أجل ماذا كل هذا خدمة لدول الناتو وأذرعها من الارهابيين
نيجيريا ترتكب حماقة السعودية pic.twitter.com/aTGfhEUxBz
— السميريAlsumiri🇾🇪 (@AAlsumiri) August 6, 2023
🇳🇪 نعبر عن تضامننا الكامل مع #النيجر وشعبها العظيم. #اقف_مع_النيجر pic.twitter.com/xlCMb1bcHK
— Amal Sabti (@amal_sabti) August 6, 2023
كجزائري #اقف_مع_النيجر و واجب علينا مساعدتهم هم اخوان ومسلمين. حياتنا لم نسمع على النيجريين الا الخير كدولة وكشعب pic.twitter.com/qVufzBSh4Q
— 🇩🇿 DR.ZaKARIA 🇺🇸 (@DrZakaria31) August 6, 2023
وتجمع الجزائر والنيجر حدود يبلغ طولها نحو ألف كيلومتر، ليس هذا فحسب فهناك. مصالح اقتصادية وأمنية مشتركة للبلدين، مما يجعل أي تغيير في السلطة بالنيجر. خاصة بشكل غير دستوري كما حدث في انقلاب الأربعاء، يثير قلق الجزائر. حسب ما ذكرت سكاي نيوز عربية.
الأمن والغاز
في أبريل الماضي، وقعت الجزائر والنيجر اتفاقا أمنيا لتسيير دوريات مشتركة على الحدود. وذلك لمواجهة التهديدات الأمنية التي تشمل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية.
وأتى الاتفاق مع تنامي أنشطة المنظمات الإرهابية في المنطقة.
وفي يوليو 2022، وقعت الجزائر والنيجر ونيجيريا اتفاقا لمد خط غاز عابر للصحراء. يمثل أيضا مدخلا لأوروبا، لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن روسيا.
كم تبلغ تكلفة المشروع الذي يبلغ طوله 4 آلاف كيلومتر، نحو 13 مليار دولار. ويتوقع أن ينقل نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا سنويا.
يبدو أن الانقلاب الذي وقع الأربعاء في النيجر- كما ذكرت سكاي نيوز- يهدد هذه المصالح، أو يعرقلها على الأقل.
موقف الجزائر الرسمي
وجاء في أول رد رسمي من قبل وزارة الخارجية الجزائرية على أزمة النيجر. تمسك الجزائر بـ “المبادئ الأساسية التي توجه العمل الجماعي للدول داخل الاتحاد الأفريقي. بما في ذلك على وجه الخصوص الرفض القاطع للتغييرات غير الدستورية للحكومات”.
ودعت الجزائر إلى “وضع حد فوري للاعتداء غير المقبول على النظام الدستوري. والانتهاك الخطير لمقتضيات سيادة القانون”.
اقرأ أيضاً: هل تفكر فرنسا بالتدخل عسكريا في النيجر.. تفاصيل ساعات حبست الانفاس
وفي ظل تسارع الأحداث ميدانيا، حذرت الجزائر، في الأول من أغسطس/آب الجاري، من “نوايا التدخل العسكري الأجنبي، والتي لا تمثل سوى عوامل تعقد وتزيد من خطورة الأزمة الحالية” وفق بيان جديد للخارجية.
مخاوف “مشروعة”
وفي تقرير نشرته “الجزيرة نت“، يرجح مراقبون تحرك الجزائر الدبلوماسي السريع لتطويق أزمة النيجر. إلى عدة مخاوف ستكون لها تداعياتها الخطيرة على خاصرتها الجنوبية الممتدة بمنطقة الساحل الرخوة والمنفلتة بفعل حالة عدم استقرار ليبيا منذ 2011.
ونقلت الشبكة القطرية عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر توفيق بوقعدة. قوله إن التخوف الأول لبلاده هو أن يتحول التهديد بالتدخل العسكري إلى حرب أهلية داخلية أو إقليمية تنسف استقرار النيجر وإقليم الساحل. مما يزيد من الأعباء الأمنية على القوات المسلحة الجزائرية على طول حدودها الجنوبية عبر مالي والنيجر وليبيا.
وأوضح بوقعدة أن غياب الدولة المركزية أو إضعافها في النيجر سيعزز نشاط الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة. حيث يمكّنها من السلاح والتجنيد أكثر وسط اليائسين والناقمين من الأوضاع في منطقة الساحل.
كما أن عدم الاستقرار سيعطل، برأيه، أكثر مسارات التنمية التي تمضي بها الجزائر. مما ينذر بتدهور الأوضاع لعقود أخرى من اللاستقرار.
وبحسب بوقعدة، فإن هاجس الجزائر الأكبر من التدخل الأجنبي العسكري بشكل واسع. هو تحويل المنطقة إلى مسرح للحروب بالنيابة عن القوى الكبرى في استعادة لمرحلة الحرب الباردة.
اقرأ ايضاً: ما بين وجبتي الإفطار والعشاء.. هكذا أنقذ بوتين نفسه من الموت بكأس من الشاي
ويعتقد أن كل هذه التحولات المتوقعة ستكلف الجزائر أكثر، حيث تضعف موقفها بالقارة. وتضر بمشاريع ترافع من أجلها، سواء للاستقرار أو التنمية التي بدأت فعليا بمساعدة الدول المجاورة عن طريق الشراكات الاقتصادية والمناطق الحرة والمساهمة في تشييد البنى التحتية لتسهيل التواصل مع دول الساحل.
خيارات “غير صفرية”
بالمقابل، يشدد المحلل بوقعدة -وفق مصادره الموثوقة- على أن الجزائر ملتزمة حتى الآن بمواقفها المبدئية ولا تمارس الازدواجية بين المعلن والخفي. حيث تتواصل مع شركائها بالقارة لإعطاء فرصة للحلول الدبلوماسية والسياسية. وإعمال الخيارات غير الصفرية للحل بين الشرعية الدستورية والأمر الواقع الذي يحاول “الانقلابيون” فرضه.
وقال أيضا إنه بالرغم من المصالح الحيوية التي تربطها مع النيجر، والضمانات التي. سيعطيها الانقلابيون لمجرد تكييف موقفها بما يخدم أجندتهم، فإن الجزائر -حسب مصادره الخاصة-. لن تتاجر بمصالحها على حساب مواقفها الدولية والتزاماتها ضمن المجموعة الأفريقية والأممية.
وخلص بوقعدة إلى أن الجزائر ستكون جزءا من أية تسوية سلمية كمبدأ. لكن في حال انتهاج مجموعة “إيكواس” خيارات عسكرية، فستلتزم الجزائر بموقفها المبدئي وتعمل على تخفيف الأعباء المطلوبة منها.
خيارات هندسة الاستقرار
من جانب آخر، يحذر الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية نسيم بلهول من .”تهافت البعض على افتكاك موقف جزائري رسمي عملي حيال ما يحدث اليوم في النيجر، لتسحب القوات المسلحة نفسها من الداخل نحو الخارج. على وجه السرعة، وتورط الأمة الجزائرية في اشتباك إقليمي معقد”.
ويرى بلهول أن الجزائر تملك العديد من الخيارات الأخرى من أجل هندسة الاستقرار في النيجر. مثل تأسيس قوات “فاغنر جزائرية” تعمل من أجل دعم الأوراق التي من شأنها تعزيز صورتها الهادئة والحكيمة في العمق المجتمعي النيجيري.
كما تملك الجزائر قوة ضرب رسمية من مدخل هيكلي أفريقي -والكلام للخبير نفسه-. من منطلق إدارة المعادلة الأمنية في أية نقطة من جغرافيا القارة بقفازات أفريقية.
وأوضح بلهول للشبكة القطرية أنه يمكن للقوات المسلحة الجزائرية أن تتدخل عبر تفعيل. الدبلوماسية العسكرية الأفريقية باتجاهات دعم عمليات السلم والاستقرار. لكنه قال “إن عقيدة الحرب في الجزائر. قاسية ولا تتحمل خطيئة الهزيمة، غير أنه ليس أمامها ميزة الخيار بين الحروب التي تقاتل فيها، وقد مضى عهد الحروب النظيفة “المعلنة”.
وفي الواقع، وبعيدا عن الموقف السياسي الرسمي المعلن من بيت الرئاسة الجزائرية. حيال استبعاد خيار التدخل العسكري وسيناريو إراقة الدماء بالساحة النيجرية. فإن القوات المسلحة ومؤسسات القوى القومية الجزائرية ليست لديها ميزة اختيار الوقت الذي ستُستدعى فيه. وطبيعة مهمات الدفاع عن مصالح الأمة الجزائرية وتعزيزها، يضيف بلهول “ورغم ذلك (الجزائر) لديها الفرصة للمساعدة في تقرير طريق ثالث للتعامل مع جوار متزايد الخطورة”.
التدخل العسكري مستبعد جزائريا
وأوضح الخبير بلهول أنه بمجرد اتخاذ القرار باستخدام القوة العسكرية في النيجر. سيتوجب على القيادة العسكرية الجزائرية قبول كون العناصر الحاسمة للقوة المطلوبة للغلبة غير حركية في معظم التهديدات الحديثة.
وأكد ضرورة أن يحافظ الجيش الجزائري على قدراته الرئيسية، من أجل “دحر التهديدات. “الفرانكو نيجيرية” بواسطة القوة الاستخباراتية والعسكرية. كما يجب أن يكون قادرا أيضا على أن يقدم للمواطنين النيجريين. المتأثرين بالتهديدات الأمل بأن الغد سيكون أفضل لهم ولأبنائهم بسبب الجاهزية المستدامة للقيادة الإقليمية الجزائرية.
وعلى عكس فكرة أن القوة تفوز دائما نهاية الأمر، يرى بلهول أن على الأفارقة. أن يفهموا كذلك أنه لا يمكن حل جميع المعضلات الأمنية الحديثة باستخدام البندقية فقط.
وعلى أية حال، يبقى خيار التدخل العسكري مستبعدا مؤقتا جزائريا، في تقدير الخبير “نظرا لصعوبة الاضطلاع بمثل دور كهذا، لاعتبارات تنظيمية عسكرية، ولأن تفتيت القوة ليس هو الحل”.
المصدر: سكاي نيوز+ الجزيرة نت + أوروبا اليوم