يبدو ان الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، لم تعجبه سياسة خلفه الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. اتجاه تعامل فرنسا مع المغرب والجزائر.
وحذر ساركوزي في مقابلة نشرتها صحيفة ” لوفيغارو” الفرنسية الأربعاء، ماكرون من أن تؤدي سياسته إلى تدهور العلاقات بين باريس والرباط. داعياً إياه إلى عدم محاولة ما قال عنها ” بناء صداقة مصطنعة” مع القادة الجزائريين.
ساركوزي و ” زمن المعارك “
وقال ساركوزي في معرض تعليقه على صدور كتابه الجديد “زمن المعارك” عن دار “فايار”. “لقد دعمتُ الرئيس ماكرون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. لكن هذا لا يعني أنّنا نتّفق في كلّ شي”.
وأضاف: “دعونا لا نحاول بناء صداقة مصطنعة مع قادة جزائريين يستخدمون فرنسا. بشكل منهجي كبش فداء لتبرير إخفاقاتهم وافتقارهم للشرعية”.
واشار ساركوزي إلى أنه “سيرفضون على الدوام. إنّهم بأمسّ الحاجة لتحويل الانتباه عن الفشل الذي أغرقوا فيه بلدهم من خلال تحميل فرنسا بانتظام كلّ الشرور”.
وأعرب الرئيس الفرنسي السابق عن قلقه أيضاً من تأثير هذه الجهود اتجاه الجزائر. على العلاقة مع المغرب التي تمرّ أيضًا بصعوبات. وقال“ هذا التوجّه يُبعدنا عن المغرب. نحن نجازف بخسارة كلّ شيء. لسنا نكسب ثقة الجزائر ونحن نفقد ثقة المغرب”.
ماكرون والجزائر
ويسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تحقيق تقارب مع الجزائر على شكل “مصالحة تاريخية”.- حسب ما ذكر موقع i24news – إذا كان من المقرّر أن تتحقّق في الربيع المنصرم بزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون إلى باريس. لكنّ هذه الزيارة لم يحدّد موعدها حتى الآن.
تحفظ على تصريحات ساركوزي
الدبلوماسي الجزائري البارز، محمد العربي زيتوت، توقع أن تزيد تصريحات ساركوزي. من توتر العلاقات بين البلدين، وهو “ما لا يريده الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. والجناح الداعم للرئيس، عبد المجيد تبون، في الجزائر”.
ونقل موقع قناة ” الحرة” الامريكية عن زيتوت قوله إن جناح تبون يعتقد أن سوء العلاقات مع فرنسا ليس جيدا. لأن باريس كانت هي “الداعم للجماعات التي تعاقبت على حكم الجزائر”.
ويشير المتحدث إلى أن “تبون يعتقد أن جناح المخابرات هو المسؤول عن توتر العلاقات مع فرنسا”.
اقرأ ايضاً: اقف مع النيجر.. جزائريون يطلقون حملة ضد “بلطجة” فرنسا
ويقول الدبلوماسي السابق إنه حتى من الجانب الفرنسي هناك “جهات معينة أيضا لا ترغب. في علاقات جيدة لماكرون مع جناح تبون، لأسباب استعمارية استعلائية”. مضيفا “هناك يمين متطرف بألوان مختلفة، والتيار العام داخل ‘الإستبلاشمنت’ (المؤسسة) في فرنسا لا يريد أن يقدم تنازلات للجزائر، خاصة فيما يتعلق بالحقبة الاستعمارية وساركوزي من هذا التيار”.
ويرى زيتوت أن تصريح ساركوزي “له تأثير كبير على ماكرون. وقد يُضعف موقفه وهو الراغب في أن يستخدم علاقاته الجيدة مع تبون في الحفاظ على النفوذ الفرنسي في منطقة تحت الصحراء بعد انقلاب النيجر”.
النشيد الوطني الجزائري يغضب باريس
وكانت العلاقات بين باريس والجزائر وصلت إلى منحى خطير للغاية. بعد التصريحات التي أطلقها مسؤولون فرنسيون، على إثر إصدار الرئيس الجزائري. عبد المجيد تبون، مرسوماً يقضي بأداء النشيد الوطني الجزائري بشكل كامل في المناسبات الرسمية، ما يعني التأكيد على إدراج الفقرة الثالثة منه، التي تعتبرها فرنسا مرفوضة، لأنها تقول:
“يا فرنسا قد مضى وقت العتاب/ وطويناه كما يُطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب/ فاستعدّي وخذي منّا الجواب
إنّ في ثورتنا فصل الخطاب/ وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا..
فاشهدوا .. فاشهدوا
عهدا الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة
الفقرة مختلف عليها – وفق ما ذكر “العربي الجديد” وسبق أن جرى التغاضي عنها. أو بالأحرى حذفت بشكل غير معلن، خصوصاً في عهدي الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة. كما أن أصواتاً جزائرية طالبت، في أكثر من مناسبة، بغض النظر عنها أو حذفها، لأنها تتضمّن اسم فرنسا، بوصفها دولة أجنبية يتردّد اسمها في النشيد الوطني للجزائر، وإنْ يتوعدها.
وعلى الرغم من الجدل الواسع الذي أثاره المرسوم الرئاسي، فإن ساسة جزائريين اعتبروا أنه أوجد مسافة لتحجيم الجانب الفرنسي. ووضعه في الزاوية.
اقرأ ايضاً: محلل إسرائيلي يتوقع سيناريو خطير سيحدث في المغرب!
وشكّل بداية لتغيير جذري في التعامل معه. لكنه، في المقابل، استدعى ردّات فعل غاضبة من مسؤولين فرنسيين، إذ عبّرت وزيرة الخارجية، كاثرين كولونا، عن استيائها من إعادة ما اعتبرته “قد تجاوزه الزمن”.
وردّ عليها نظيرها الجزائري، أحمد عطاف، ساخراً أن “بعض السياسيين والأحزاب في فرنسا أصبحوا يستغلون اسم الجزائر لأغراض سياسية”.
وقبل ذلك، دعا رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاريشر، إلى إعادة النظر في الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، بشأن تسهيل دخول الجزائريين فرنسا، وإقامتهم وتوظيفهم، بذريعة أن الاتفاقية وقّعت عندما كان عدد سكان الجزائر لا يتجاوز 10 ملايين، وكانت فرنسا آنذاك بحاجة إلى اليد العاملة الجزائرية، وتغيرت الأوضاع كثيراً في المرحلة الراهنة. في المقابل، قال الرئيس تبّون، في أكثر من مرة، إن إلغاء الاتفاقية سيكون بمثابة إعلان حرب على بلاده، نظراً إلى أهميتها بالنسبة للجزائر.