اللاجئون في الأحياء الشرقية لمدينة درنة الليبية الأقل تضرراً من العاصفة دانيال، يقوم السكان بتنظيف ما في وسعهم، في انتظار استعادة المياه والكهرباء.
ولم تنحسر المياه بشكل كامل عن الشارع بعد، لكن السكان بدأوا بالفعل في إخلاء منازلهم. أثناء انتظار إعادة تأهيل منزلهم، نزل زيد (48 عاماً) وشقيقه طارق (43 عاماً) وبعض جيرانهم إلى الرصيف.
وبعد عشرة أيام من الفيضان الاستثنائي الذي حدث ليلة 10 إلى 11 سبتمبر/أيلول، أخرجوا الكراسي القليلة التي نجت وصنعوا طاولة باستخدام الكتل الخرسانية وألواح الخشب الرقائقي.
اللاجئون في مدينة درنة
تسمح لهم الصالة الخارجية الجديدة بأخذ قسط من الراحة عن طريق تدخين سيجارة واحتساء. كوب من الشاي أثناء أعمال التنظيف الشاقة. يقول الأخ الأكبر بشيء من السخرية: “حياتنا هنا خمس نجوم مقارنة بالمناطق المتضررة الأخرى ”.
ومع ذلك، فإن المنطقة الواقعة على مشارف وسط مدينة درنة، في شرق ليبيا، لم تنج بعد: فالمناظر الطبيعية ليست سوى طين.
في كل مكان على الطريق، على الجدران، حتى في الشقق. وعندما انهار السدان، ارتفعت المياه وابتلعت مبنى الأسرة بنحو ثمانية أمتار.
العلامة لا تزال مرئية. “كان الأمر مثل النهر في المنزل “، ما زال طارق متعجبًا. سارع لإيقاظ والدته التي كانت نائمة في الطابق الأول وإحضارها إلى السطح بأمان مع أفراد الأسرة الآخرين، لكنه لم يتمكن من فعل أي شيء لوالده الذي كان نائماً في الطابق الأرضي. وفق تقرير أعدته صحيفة لوموند الفرنسية.
زيد وطارق مع ببغائهما
تُرك زياد وطارق بمفردهما مع ببغائهما، لاستعادة بعض مظاهر الحياة في المبنى. إنهم يعيشون في الطابق العلوي، وهو الطابق الوحيد الذي بقي جافًا.
اقرأ أيضاً: حدث مثير في بريطانيا لإنقاذ القطط المشردة فمن ينقذ الالاف في المغرب وليبيا
ويأمل زيد قائلاً: “بمجرد تنظيف وإصلاح كل شيء، وعودة الكهرباء والماء، سيعود الجميع للعيش هنا “. ويعمل الشقيقان بلا كلل بمساعدة جيرانهما لتحقيق هذا الهدف.
وفي هذه الأثناء، ومن أجل تجنيب زوجاتهم وأطفالهم هذه الحالة غير الصحية، أرسلوهم للانضمام إلى أفراد عائلاتهم الذين يعيشون في العاصمة طرابلس، على بعد أكثر من 1000 كيلومتر إلى الغرب.
فرق الإنقاذ الدولية في درنة
وكانت فرق عدة عربية وأجنبية (من الجزائر وتونس ومصر وتركيا والإمارات وإسبانيا وإيطاليا. ومالطا والأردن وفلسطين وروسيا) دخلت صباح الـ13 من الشهر الجاري إلى درنة لنجدة المنكوبين من العاصفة دانيال، التي ضربت المدينة محولة ثلثها إلى أثر بعد عين، وجارفة أحياء برمتها إلى البحر الأبيض المتوسط.
وواجهت فرق الإنقاذ صعوبات جمة على الأرض، خصوصاً أن بعض الأبنية سويت تماماً. وبالتالي تحتاج عمليات انتشال الجثث إلى مهندسين دوليين من أجل جرف الأرض وتسهيل المسارات وفتح الطرق للبحث عن المفقودين. وفق ما ذكرت صحيفة عكاظ السعودية.
وكانت مصادر مطلعة كشفت عن أن فرق الإغاثة الدولية تعتزم الانسحاب من مدينة درنة شرق ليبيا، وسط هول الكارثة وعدم القدرة على استكمال التعامل معها.
وأفادت المصادر بأن الشرق الليبي يحتاج إلى خبرات أكبر، وأجهزة تقنية حديثة لا تمتلكها تلك الفرق. من أجل انتشال الجثث العالقة في عمق البحر وتحت ركام المنازل.
مباني جرفت إلى البحر
ودفعت السيول بعشرات السيارات للسقوط داخل حوض ميناء درنة، كما أن إجمالي عدد المباني المدمّرة في درنة وصل إلى نحو 900 مبنى، جلها في منطقة وسط المدينة، أما الضحايا فيُشير الناطق باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري، إلى تجاوزهم 3400 وفاة. حسب سكاي نيوز عربية.
ويستذكر أحد أفراد هيئة السلامة الوطنية في درنة تفاصيل يوم العاشر من سبتمبر الجاري، حينما ضربت العاصفة “دانيال”. المدينة مُتسببةً في دمار واسع.
اقرأ أيضاً: المغرب قادرة على إدارة الأزمة الصحية دون أن يكون للغرب كلمة
في السابعة مساء، بدأ هطول الأمطار بشكل خفيف إلى حد ما، وانطلقت دوريات هيئة السلامة تجوب الشوارع للاطمئنان على استقرار الأوضع، كما يروي عضو الهيئة، فتحي أمغيب الكريمي.
كانت الروح المعنوية مرتفعة لدى الكريمي وزملائه، الذين جابوا بسياراتهم مناطق وسط المدينة، ومروا بشوارعها الحيوية ومنها شارع مسجد الصحابة، واطمأنوا على استقرار الأوضاع.
بَدء تلقي الاستغاثات
لكن الهدوء لم يدم طويلا، فلم تمضِ سوى ساعات قليلة حتى بدأت الأمطار في الهطول بغزارة جراء تقدم الإعصار دانيال. وارتفع منسوب المياه بشكل مقلق، وأخذت الهيئة تتلقى استغاثات عديدة من أناس يناشدونهم التحرك لإنقاذهم.
بالفعل، تحرَّك الكريمي مع أفراد الهيئة الآخرين من أجل نجدة العالقين، واضطروا لاستخدام مركبات الإطفاء في عملية الإنقاذ نظرا لارتفاع منسوب المياه.
جنود الكتيبة 166
ثم تلقَّى الكريمي إشارة على جهاز اللاسكي بوجود جنود تابعين للكتيبة 166 بالجيش الليبي، عالقين في ميناء درنة. وبسرعة توجهوا إليهم ودعوهم من أجل المغادرة معهم، إلا أن الجنود تمسّكوا بالبقاء في موقعهم. وقالوا إنهم “سيعتلون سطح البناية في حال ما ارتفع منسوب المياه أكثر من ذلك”.
عادت المجموعة بسيارة الإطفاء مرة أخرى إلى موقعهم، قبل أن يتلقوا بلاغا آخر للتعامل معه، وبالفعل تحركوا في الثانية. بعد منتصف الليل لتلبية البلاغ.
فقدان السيطرة
إلا أن منسوب المياه وصل إلى درجة أنهم فقدوا السيطرة على سيارتهم، التي صارت مثل “الطوافة في الماء”، وكان بداخلها بالإضافة إلى الكريمي أربعة آخرين من العاملين بالهيئة.
هنا تلقّى الكريمي اتصالا من أحد أفراد الهيئة للاستفسار عن وضعهم، فأجابه بما حصل وأنهم أصبحوا في عداد “المقضي عليهم”. لأن السيل يدفع السيارة باتجاه البحر، فأخبرهم بأن يستخدموا “مانع الانزلاق” في سيارة الإطفاء لكبح حركتها، إلا أنهم كفرقة إنقاذ لم يكونوا على دراية بكيفية عمل السيارة بشكل دقيق.
يروي الكريمي كيف أن زميلهم أصر على التحرك لإنقاذهم، وتوجّه برفقة آخر إلى موقعهم. وشاءت الأقدار أن الإطار الخلفي لسيارة الإطفاء علق في الرصيف، الأمر الذي منع اندفاعها مع السيل نحو البحر.
وقفز زميلهم إلى داخل سيارة الإطفاء وتمكّن من إيقاف حركتها، إلا أن السيارة الأخرى التي قدم بها تعطلت. وسط الشارع الذي “تحول إلى بحر”.
لكن بعد جهود كبيرة، تمكّن أفراد الهيئة من إخراج السيارتين، وتوجهوا إلى المقر، ولم يعد هناك أي قدرة. على تقديم مساعدات للعالقين في المدينة.