أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر السبت، انتهاء الهجوم الذي نفذه على إيران، “رداً على الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد دولة إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة”.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن الغارات الجوية، التي تم تنفيذها بناء على توجيه استخباري، شملت مواقع إنتاج صواريخ إيرانية. كانت قد أُطلقت نحو إسرائيل خلال العام الماضي، حيث شكلت هذه الصواريخ تهديدا مباشرا على أمن مواطني إسرائيل، وفق البيان.
واستهدفت الهجمات أيضا أنظمة صواريخ أرض-جو وقدرات جوية إيرانية تهدف إلى تقييد حرية العمل الجوي الإسرائيلي.
وأشار البيان إلى أن إيران أطلقت مئات الصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية خلال شهري أبريل وأكتوبر الماضيين. “وتدعم عمليات إرهابية في المنطقة بغية زعزعة أمن واستقرار إسرائيل والمنطقة ككل”.
وكانت إيران قد أطلقت نحو 180 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل مطلع أكتوبر تشرين الأول الجاري .
وجاء الهجوم الصاروخي الإيراني وقتذاك؛ “رداً على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وزعيم حركة حماس اسماعيل هنية في يوليو/تموز الماضي”. وفق ما أعلنه الحرس الثوري الإيراني.
وهدد الحرس الثوري الإيراني بشن “هجمات ساحقة” في حال ردت اسرائيل.
واحتدت التوترات بين إسرائيل وإيران، منذ الـ 13 من أبريل/نيسان الماضي، بعد قيام إيران بشن هجمات بصواريخ ومسيّرات على أهداف إسرائيلية. رداً على ما قالت إيران أنه استهداف لقنصليتها في دمشق مطلع الشهر ذاته إلا أن إسرائيل لم تتبنى الهجوم أو تعلق عليه.
أيّ الطرفين يمتلك اليد الطولى؟
وحسب تقرير نشرته شبكة بي بي سي البريطانية مستعينة في بيانات للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مشيرة إلى أن كلا الدولتين ربما تمتلك أسلحة مُهمة لم تكشف عنها اللثام بعد.
ويعقد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية مقارنة بين القوة النيرانية لدى الجيشين الإسرائيلي والإيراني. عبر الاستعانة بعدد من المصادر الرسمية والمفتوحة، في محاولة للوصول إلى أفضل ما يمكن من التقديرات.
وقدّمت مؤسسات أخرى، مثل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تقديراتها في هذا الصدد، لكن الدقة تتفاوت، لا سيما وأن الدول عادة لا تتيح أرقاما.
لكن نيكولاس مارش، من معهد أوسلو لأبحاث السلام، يقول إن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يمكن أن يمثل مرجعية معيارية لتقدير القوة العسكرية للدول حول العالم.
مقارنة بين إيران وإسرائيل
ترصد إسرائيل، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، نفقات للدفاع أكثر مما ترصد إيران، ما يضمن لإسرائيل قوة كبيرة في حال نشوب أي صراع.
ويقول المعهد إن ميزانية الدفاع الإيرانية في عامَي 2022 و2023 كانت حوالي 7.4 مليار دولار. بينما كانت ميزانية الدفاع الإسرائيلية في الفترة نفسها حوالي 19 مليار دولار – أي أكثر من الضِعف.
وبالمثل، تأتي نسبة ما تنفقه إسرائيل على دفاعاتها مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي – حوالي ضِعف النسبة في إيران.
تقدم تكنولوجي
تشير بيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى امتلاك إسرائيل 340 طائرة قتالية، ما يضمن لها التفوق في مضمار القصف الجوي الدقيق.
ومن بين هذه الطائرات القتالية طائرات من طراز إف-15 ذات المدى البعيد، وطائرات من طراز إف-35 عالية التقنية. والتي يمكنها التهرب من أجهزة الرادار، فضلا عن المروحيات الهجومية.
وعلى الجانب الآخر، تشير بيانات المعهد الدولي إلى امتلاك إيران حوالي 320 طائرة قتالية، بعضها يعود إلى حقبة الستينيات من القرن العشرين. كما تضم طائرات من طراز إف-4 وأيضا إف-14.
لكن نيكولاس مارش من معهد أوسلو لأبحاث السلام يرى أنه من غير الواضح كم طائرة تستطيع التحليق بالفعل بين هذه الطائرات القديمة. لا سيما وأن الحصول على قطع غيار هذه الطائرات هو أمر شديد الصعوبة بفضل العقوبات الغربية المفروضة على إيران.
القبة الحديدية ونظام السهم
يُعَد نظامَا القبة الحديدية والسهم بمثابة العمود الفقري للدفاع الجوي الإسرائيلي.
ويُعد مهندس الصواريخ أوزي روبين، مؤسس منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي بوزارة الدفاع. وهو حالياً باحث كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن.
وفي حديث للشبكة البريطانية أعرب روبين عن مدى شعوره بالأمان عندما رأى نظام القبة الحديدية مع الحلفاء الدوليين. يدمرون تقريبا كل الصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران يوم 13 أبريل/نيسان.
وقال روبين: “شعرت بسعادة غامرة. إنه نظام متخصص جدا. نظام دفاعي مضاد للصواريخ قصيرة المدى. لا شيء شبيه بذلك في أي نظام آخر”.
كم تبعد إيران عن إسرائيل؟
تقع إسرائيل على مسافة أكثر من 2,100 كم من إيران. وتعدّ الصواريخُ الطريقةَ الوحيدة التي يمكن أن تضرب بها إحداهما الأخرى. بحسب تيم ريبلي محرر موقع ديفينس آي.
ويعدّ برنامج الصواريخ الإيراني، الأضخم والأكثر تنوّعا في الشرق الأوسط.
وفي عام 2022، قال الجنرال كينيث ماكنزي من القيادة المركزية الأمريكية، إن إيران لديها “ما يزيد على ثلاثة آلاف” صاروخ باليستي.
وعلى الجانب الآخر، تقوم إسرائيل بتصدير صواريخ لعدد من الدول، بحسب مشروع الدفاع الصاروخي التابع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
صواريخ إيران ومسيّراتها
قامت إيران بعمل تحديثات موسعة على نُظمها الصاروخية منذ حربها مع جارتها العراق في الفترة ما بين 1980 و1988.
وبالفعل، طوّرت إيران صواريخ طويلة المدى ومُسيرات، العديد منها قامت بإطلاقه مؤخراً باتجاه إسرائيل.
ووجد محللون أن هناك صواريخ إيرانية الصُنع أطلقتها جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن على السعودية.
يستبعد تيم ريبلي، محرر موقع ديفنيس آي، أن تُقدِم إسرائيل على خوض حرب برية مع إيران، قائلا: “نقطة تميُّز إسرائيل الكبرى. تتمثل في قوتها الجوية وأسلحتها الموجّهة، ما يجعلها أكثر ميلا إلى شن ضربات جوية ضد أهداف رئيسية في إيران”
ويرجح ريبلي أن تقتل إسرائيل مسؤولين إيرانيين وتدمّر منشآت نفطية إيرانية من الجو.
يقول ريبلي: “العقاب هو لُبّ الموضوع … القادة العسكريون والسياسيون الإسرائيليون يستخدمون كلمة العقاب طوال الوقت. هي جزء من فلسفتهم، التي ترى جدوى من توجيه ضربات مؤلمة لخصومهم حتى يفكّر هؤلاء مرتين قبل أن يهاجموا إسرائيل”.
لماذا شنت إيران أول هجوم مباشر لها على إسرائيل؟
نتنياهو يقول إن بلاده مستعدة “دفاعيا وهجوميا لضرب الأعداء” ويطالب الإسرائيليين بـ”الصبر والهدوء”
وفي الماضي. لقيت قيادات عسكرية ومدنية إيرانية مصرعها عبر هجمات جوية، منها الهجوم الذي استهدف مبنى تابعا لقنصلية إيران في العاصمة السورية دمشق في الأول من أبريل/نيسان الماضي، وهو الهجوم الذي استتبع بدوره هجوما إيرانيا.
ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن هذا الهجوم ولا عن عدد من الهجمات التي استهدفت مسؤولين إيرانيين بارزين.
ومع ذلك، فإن إسرائيل في المقابل لم تنفِ تلك المسؤولية.
يضم الأسطول البحري الإيراني العتيق نحو 220 سفينة، في مقابل نحو 60 سفينة تابعة للأسطول البحري الإسرائيلي. بحسب تقارير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ويرى مراقبون أن أسطول إيران البحري لا يمتلك القدرة على القتال في حرب.
الهجمات السيبرانية
تمتلك إسرائيل ما تخشى ضياعه أكثر مما تمتلكه إيران عند الحديث عن الهجمات السيبرانية أو الحروب الإلكترونية.
ويعدّ نظام الدفاع الإيراني أقل تطوراً على الصعيد التقني من نظيره الإسرائيلي، وعليه فإن هجوما إلكترونيا على الجيش الإسرائيلي. كفيل بإيقاع قدر أكبر من الخسائر.
وتقول الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في إسرائيل، إن “الهجمات السيبرانية باتت أكثر كثافة من ذي قبل، على الأقل بمقدار ثلاثة أمثال. في كل القطاعات الإسرائيلية. وقد زاد التعاون بين إيران وحزب الله في أثناء حرب غزة”.
اقرأ ايضاً: أين يقف دونالد ترامب بشأن فلسطين وإسرائيل والشرق الأوسط؟!
ورصدت الهيئة الإسرائيلية 3,380 هجوما سيبرانيا في الفترة ما بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ونهاية العام نفسه.
على الجانب الآخر، قالت منظمة الدفاع المدني في إيران إنها تصدّت لنحو 200 هجوم سيبراني في الشهر السابق للانتخابات التشريعية الأخيرة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إن هجوما سيبرانيا تسبب في تعطيل محطات الوقود في عموم البلاد.
التهديد النووي
يُفترض أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية خاصة، لكنها تتبنى سياسة رسمية بالغموض المتعمد.
على الجانب الآخر، لا يُعتقد أن إيران تمتلك أسلحة نووية، وعلى الرغم من اتهامات تناقض ذلك. فإن إيران تنفي سعيها لاستغلال برنامجها النووي المدني لكي تصبح دولة نووية.
الجغرافيا والديموغرافيا
إيران أكبر حجماً من إسرائيل، كما أن تعداد سكان إيران يناهز الـ 89 مليون نسمة، أي ما يماثل تسعة أمثال تعداد سكان إسرائيل الذي يبلغ عشرة ملايين نسمة.
ويماثل تعداد الجيش الإيراني نحو ستة أمثال تعداد الجيش الإسرائيلي، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ما هي الحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران؟
على الرغم من عدم انخراط كل من إسرائيل وايران في حرب رسمية حتى اليوم، إلا أنهما بالفعل في صراع غير رسمي.
وفي خضم هذا الصراع، تعرضت شخصيات إيرانية مهمة للقتل في دول أخرى بهجمات تشير معظم أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل.
بينما في المقابل، تستخدم إيران حلفاءها في مهاجمة أهداف إسرائيلية.
وتضطلع جماعة حزب الله اللبنانية بالنصيب الأكبر في حرب إيران بالوكالة ضد إسرائيل. ولا تنكر طهران دعمها حزب الله.
وبالمثل، تدعم إيران حركة حماس في غزة. وقد شنت الحركة الفلسطينية هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل. كما أنها تطلق منذ عقود صواريخ من قطاع غزة على مناطق إسرائيلية.
وتعتقد إسرائيل، ودول غربية، أن ايران تدرّب مسلحي حماس وتمدهم بالعتاد.
ويُنظَر بشكل كبير إلى الحوثيين في اليمن على أنهم يحاربون بالوكالة نيابة عن إيران. وتقول السعودية إن صواريخ صُنعت في إيران يطلقها الحوثيون باتجاه الأراضي السعودية.
وفي العراق وسوريا توجد جماعات على قدر كبير من القوة مدعومة من طهران التي تدعم أيضا الحكومة السورية.
ويقال أيضا إن ايران تستخدم الأراضي السورية لشن هجمات على إسرائيل.