خلال الأسبوع الثالث من أيلول/سبتمبر، وقبيل مرور عام على هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تغيير أهداف الحرب.
فبعد الدمار الشمال في قطاع غزة، ومقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني وتشريد مئات الآلاف، اتجه تركيز الدولة العبرية إلى حدودها الشمالية مع لبنان. حيث دفع تبادل الصواريخ المستمر مع حزب الله المدعوم من إيران عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الاحتماء بعيدا عن الحدود.
أعلن نتانياهو أن أهداف الحرب تشمل عودة المدنيين الإسرائيليين إلى منازلهم بأمان، بعيدا عن تهديد الصواريخ. ومع ذلك، وبعد أكثر من شهر من هذا الإعلان وما تلاه من حملة برية وجوية مدمرة وقصف يومي ضد الحزب. أدى إلى القضاء على أغلب قادته السياسيين والعسكريين وتشريد أكثر من 1.2 مليون مدني لبناني. بات منزل نتانياهو نفسه هدفا للهجمات.
حزب الله يضرب منزل نتنياهو
خلال عطلة نهاية الأسبوع، سقطت طائرة مسيرة أطلقها حزب الله بجانب منزل نتانياهو في قيساريا، بعيدا عن الحدود اللبنانية.
يقول فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إن حزب الله يواصل تكبيد إسرائيل خسائر ثقيلة بالرغم من الضربات المدمرة التي تعرض لها. وأوضح قائلا: “ما نراه الآن هو أن الحزب استعاد زمام الأمور، وأصبح قادرا على الهجوم وإلحاق إصابات يومية بالإسرائيليين”. ويضيف أن “صواريخ حزب الله باتت تستهدف كل أجزاء إسرائيل، بما في ذلك منزل ناتنياهو. وبما في ذلك مواقع عسكرية إسرائيلية”. وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
حجم تصعيد الحملة الإسرائيلية ضد حزب الله يصعب تخيله. ففي أواخر أيلول/سبتمبر، قُتل العشرات وأصيب الآلاف بعد تفجير آلاف أجهزة “البيجر”. المفخخة وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي يستخدمها عناصر الحزب . وأعقبت إسرائيل هذه الضربات بسلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع الحزب في جنوب لبنان وشرقا في البقاع، وحتى في العاصمة بيروت.
مقتل حسن نصر الله
في 27 أيلول/سبتمبر، استهدفت غارة إسرائيلية بصواريخ خارقة أمريكية الصنع عدة مبان سكنية في ضاحية بيروت الجنوبية، مما أدى إلى مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله. كما قُتل خليفته المحتمل هاشم صفي الدين بعد أيام، وقضى العديد من القادة العسكريين البارزين أيضا تحت وطأة الضربات الإسرائيلية المتواصلة مثل نبيل قاووق. إِبراهيم عقيل، وعلي كركي.
اقرأ أيضاً: حزب الله لم يسمع كلام أمينه العام.. هكذا تحول عناصره إلى قنابل بشرية
توسعت هذه الضربات الإسرائيلية لتشمل قلب العاصمة اللبنانية بيروت واستهدفت المؤسسات المالية الأساسية المرتبطة بالجناح السياسي لحزب الله. وفي ظل هذه الضربات اليومية، عبرت القوات الإسرائيلية الحدود لتنفيذ عمليات “محدودة” حسب وصف الجيش الإسرائيلي. التي تسببت في معارك دامية مع مقاتلي الحزب.
يقول جرجس إن مقتل نصر الله وقيادة حزب الله أضر كثيرا بالتنظيم. وأضاف: “في الأسابيع الأولى، كان الحزب في حالة ارتباك وشلل. حيث تأثر عمل القيادة والتنظيم “.
قوة حزب الله لم تهفت
بالرغم من اغتيال معظم قيادته السياسية والعسكرية، لم تهفت “قوة” الحزب . يُعتقد أن لديه نحو 50 ألف مقاتل، نصفهم من الاحتياطيين، وما يصل إلى 200 ألف صاروخ، بعضها قادر على ضرب أهداف. في عمق الأراضي الإسرائيلية.
يشير جرجس إلى أن سر بقاء حزب الله كطرف في الحرب الدائرة يكمن في تنظيمه العسكري، حيث تدربت وحداته للقيام بعمليات. بشكل شبه مستقل.
اقرأ أيضاً: إسرائيل فقدت إنسانيتها وهي تحتفل بقدرتها على القتل
اتخذ الحزب قرارا مثيرا للجدل بدعم الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا، وهو ما منح مقاتلي الحزب. خبرة حديثة في الأساليب العسكرية التقليدية، بما في ذلك الوحدات المدرعة والمدفعية. بالرغم من أن استخدام هذه القدرات في جنوب لبنان يبدو غير مرجح. على أي حال. يرى جرجس أن حزب الله يبدو وكأنه يمارس لعبة طويلة الأمد.
قال جرجس “ما يجب أن نأخذه بعين الاعتبار هو أن الحزب ليس مضطرا حقا لهزيمة إسرائيل. فهو لا يستطيع إلحاق الهزيمة بها- فهذا ليس الهدف.” مضيفا “فكرة حزب الله هي منع إسرائيل من تحقيق أمنها. ليس فقط على حدودها الشمالية، بل في جزء كبير أراضيها.”