“نتساريم”، الاسم الذي تحول إلى رمز لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، أصبح مرادفًا للعذاب والتشريد، حيث تفصل ستة كيلومترات من الأرض بين شمال القطاع وجنوبه، لتتحول إلى نقطة تفتيش مشبعة بالخوف والقهر.
صابرين لاشين: قصة صمود وألم
صابرين لاشين، أم فلسطينية من مخيم الشاطئ في غزة، واحدة من مئات الفلسطينيين الذين حاولوا العودة إلى ديارهم عبر معبر نتساريم. لكن كل محاولة انتهت بخيبة أمل ودماء. تقول لاشين: “النزوح المستمر والجوع والقصف دفعني لاتخاذ قرار العودة، رغم المخاطر”.
في إحدى محاولاتها الـ12، أصيبت امرأة رافقتها برصاص الاحتلال، ومع ذلك أصرّت لاشين على سحبها بعيدًا عن منطقة الخطر. رغم تهديد الدبابات والقناصة. نجحت في إيصالها إلى مستشفى، لكنها لم تنجُ.
ممر نتساريم: شريان حياة تحول إلى محور موت
نتساريم، الذي يمتد من الحدود الإسرائيلية إلى البحر الأبيض المتوسط، أصبح منطقة عسكرية محصنة تضم دبابات وجيبات عسكرية وطائرات مسيرة. وفقًا للتقارير، يسمح للجنود بإطلاق النار على أي شخص يقترب من المعبر، فيما وصفه الفلسطينيون بـ”محور الموت”.
اقرأ أيضاً: ماذا يعني “انعدام الأمان” وسط الإبادة الجماعية في غزة
الجيش الإسرائيلي، الذي أجبر أكثر من مليون فلسطيني على النزوح جنوبًا في بداية الحرب، وعد بتوفير الأمان. لكن التقارير تؤكد أن الجنوب لم يكن سوى امتداد لمعاناة جديدة، حيث تعرضت الملاجئ والمدارس للقصف. وفق التقرير الذي نشره موقع “ميدل ايست أي” البريطاني.
محمد حجو: رحلة ملؤها الذل والحرمان
محمد حجو، فلسطيني من سكان الشيخ رضوان، قرر المخاطرة بعبور نتساريم لجلب المؤن لعائلته النازحة في الجنوب. يتذكر حجو كيف أجبره الجنود على التخلص من كل ما يملكه، وأجبروه على خلع ملابسه، قبل أن يتركوه عاريًا تمامًا. يقول: “نتساريم ليس مجرد معبر، إنه محور الموت والإهانة”.
شهادات مروعة وعمليات قتل عشوائية
في تحقيق لصحيفة هآرتس الاسرائيلية، تم الكشف عن أن مئات الفلسطينيين، بينهم أطفال، قتلوا برصاص الجنود الإسرائيليين عند نتساريم. وصف أحد القادة العسكريين المنطقة بأنها “منطقة قتل”، حيث يُطلق النار على أي شخص يدخلها، ويتم وصف الضحايا بعد وفاتهم بأنهم “إرهابيون”.
أمل العودة وصعوبة الانتظار
تعيش انتصار العطار، 58 عامًا، مع ألم فقدان أحد أبنائها في القصف، بينما تترقب مصير ابنها الآخر سامي، الذي اختفى أثناء محاولته العبور عبر نتساريم. تقول: “قلبي يحترق. أريد أن أعرف مصير ابني. إذا كان ميتًا، أريد أن أدفنه، وإذا كان حيًا، أريد أن أطمئن عليه”.
مستقبل غامض
يظل نتساريم رمزًا للمأساة المستمرة في غزة، حيث يُحرم الفلسطينيون من أبسط حقوقهم الإنسانية. ومع استمرار الحرب. يبقى الحلم بالعودة إلى الديار قائمًا، رغم الألم والخوف. تقول صابرين لاشين: “ما زلت أحلم بالعودة، حتى لو كان ذلك لإقامة خيمة على أنقاض منزلي”.
نتساريم ليس مجرد معبر، بل فصل من فصول مأساة الفلسطينيين المستمرة، حيث يتحول الحلم بالعودة إلى رحلة محفوفة بالموت والألم.