رفض وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعوة إلى وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل الشهر الماضي، على الرغم من الأدلة المتزايدة على جرائم الحرب – وربما الإبادة الجماعية – المقدمة لهم في تقييم داخلي.
وكشف موقع “ذي انترسبت” عن وثيقة داخلية صادرة عن الاتحاد الأوروبي تسلط الضوء على مسؤولية محتملة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في تجاهل جرائم الحرب في غزة. الوثيقة، التي أعدها الممثل الخاص لحقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، أولوف سكوغ، تكشف عن أدلة متزايدة على ارتكاب جرائم حرب من قبل جميع الأطراف، مع التركيز بشكل خاص على أفعال إسرائيل في الهجوم المستمر على غزة.
أبرز ما ورد في الوثيقة
- تقييم شامل للجرائم
تشير الوثيقة، المكونة من 35 صفحة، إلى أدلة من الأمم المتحدة تؤكد وقوع جرائم حرب من قبل إسرائيل وحماس وحزب الله منذ 7 أكتوبر 2023. وفقًا للتقييم، بلغ عدد الضحايا في غزة حوالي 45 ألف قتيل، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، ما يعكس مستوى عالٍ من الضحايا المدنيين والمعاناة الإنسانية.
- اتهامات موجهة لإسرائيل
تتحدث الوثيقة بوضوح عن استخدام “لغة تحريضية” من قبل القادة الإسرائيليين، والتي قد تعتبر دليلًا على وجود نية للإبادة الجماعية. وأكدت أن الهجمات العشوائية، بما في ذلك استهداف المستشفيات والمناطق المدنية، قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
- دور حماس وحزب الله
لم تُعف الوثيقة حماس أو حزب الله من المسؤولية، حيث تم تصنيف احتجاز الرهائن والهجمات الصاروخية العشوائية كجرائم حرب. كما أشارت إلى أن استخدام الأنفاق في المناطق المدنية قد يُعتبر استخدامًا للدروع البشرية، وهو أيضًا انتهاك للقانون الدولي.
الجدل حول مبيعات الأسلحة لإسرائيل
رغم محتويات التقرير، رفض وزراء الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي اقتراحًا لوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل أو تعليق الحوار السياسي معها. يبرز هنا تساؤل خطير: هل يمكن تبرير هذا الموقف؟
التبعات القانونية: أكد خبراء قانونيون أن توافر التقرير يجعل من الصعب على الوزراء الادعاء بالجهل، مما قد يعرضهم للمساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في جرائم حرب.
المصالح الاقتصادية: شكّل حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والذي بلغ 46.8 مليار يورو في 2022، ضغطًا سياسيًا قد يكون السبب وراء رفض المقترحات.
ردود الأفعال الدولية
تصريحات بارزة
يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق، قال إن التقرير “يسقط حجة الجهل لدى الأوروبيين”، مما يجعلهم عرضة للمساءلة القانونية والتاريخية.
اقرأ أيضاً: الإبادة في غزة: نتنياهو “يُنهي المهمة” والعالم يراقب
ديانا بوتو، مستشارة قانونية فلسطينية، أكدت أن رفض الاتحاد الأوروبي للتحليل كان قرارًا سياسيًا يعكس عدم توافق السياسة مع القانون.
موقف المنظمات الحقوقية
وصفت أوكسفام موقف الاتحاد الأوروبي بأنه “تواطؤ مع جرائم إسرائيل”. وأضافت أن الاستمرار في تصدير الأسلحة يمثل تحديًا صارخًا للنصائح الواضحة في التقرير.
تداعيات محتملة على المسؤولين الأوروبيين
يشير الخبراء إلى أن نشر التقرير يعزز احتمالية محاكمة مسؤولين أوروبيين إذا ما ثبت تورطهم في دعم أفعال تنتهك القانون الدولي. ويرى المحامون أن هناك خطوات مقبلة قد تشمل:
إنشاء آليات مساءلة دولية: لمحاسبة المسؤولين عن تصدير الأسلحة.
دعاوى قضائية ضد الحكومات الأوروبية: مثل الدعوى المقامة حاليًا في بريطانيا بشأن صادرات الأسلحة لإسرائيل.
دروس مستفادة وماذا بعد؟
تكشف الوثيقة عن فجوة بين القيم التي يدعي الاتحاد الأوروبي الدفاع عنها وسلوكياته العملية. في حين تتحدث أوروبا عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، فإن قراراتها السياسية أحيانًا تعكس أولويات اقتصادية أو ضغوطًا سياسية.
اقرأ أيضاً: ماذا يعني “انعدام الأمان” وسط الإبادة الجماعية في غزة
مع استمرار الأزمة في غزة وارتفاع الضغوط الدولية، سيكون من المثير للاهتمام رؤية ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيعيد تقييم موقفه من إسرائيل. خاصة في ظل التهديد بمساءلة دولية.
ويوفر تقرير الاتحاد الأوروبي دليلًا قويًا على الجرائم المرتكبة في غزة، لكنه يسلط الضوء أيضًا على عجز الحكومات الأوروبية عن التحرك. بما يتماشى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية. في ظل تزايد الدعوات الدولية لمحاسبة المتورطين، يبدو أن السنوات القادمة قد تحمل تغيرات جوهرية في نهج أوروبا تجاه النزاعات في الشرق الأوسط.