شهد قطاع غزة، الجمعة، تصعيدًا خطيرًا عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان، آخر مستشفى عامل في شمال القطاع. أجبر الجنود المسعفين والمرضى على المغادرة شبه عراة سيرًا على الأقدام نحو وجهة مجهولة. وفقًا لمقاطع فيديو وشهادات شهود عيان اطلع عليها موقع ميدل إيست آي.
بحسب مقطع فيديو حصل عليه الموقع، شوهدت عدة دبابات إسرائيلية متمركزة خارج المستشفى، الذي تعرض للقصف في بيت لاهيا. في الوقت نفسه، أُجبر العشرات من الرجال على الخروج من المبنى وسط استهداف واضح لغرف العمليات والمختبرات وأقسام الطوارئ، حيث أضرمت النيران في أجزاء واسعة من المنشأة.
مستشفيات غزة تحت الحصار
قطاع غزة يواجه أزمة صحية متفاقمة نتيجة الحصار الإسرائيلي الذي يمتد لعقود. تضم غزة ثلاثة مستشفيات رئيسية تخدم السكان البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة:
- مستشفى الشفاء في مدينة غزة، الذي يعد الأكبر في القطاع.
- مستشفى ناصر في خان يونس، جنوب القطاع.
- مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمال القطاع، الذي كان يقدم خدمات حيوية قبل أن يتم استهدافه.
مع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، توقفت المستشفيات عن العمل تدريجيًا بسبب القصف المستمر ونقص الإمدادات الطبية الحيوية. توقفت مستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي تمامًا، في حين عمل مستشفى كمال عدوان بالحد الأدنى لتوفير خدمات إنقاذ الحياة.
الهجوم الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان
الهجوم على مستشفى كمال عدوان يأتي ضمن حملة عسكرية واسعة تعرف بـ”خطة الجنرالات”، التي تهدف إلى إخلاء المناطق الواقعة شمال ممر نتساريم وتحويلها إلى “منطقة عسكرية مغلقة”. بموجب هذه الخطة، يتم التعامل مع أي شخص يبقى في تلك المناطق كـ”ناشط في حماس” معرض للقتل أو الاعتقال.
هذه الحملة تسببت في دمار هائل للبنية التحتية الصحية في غزة. تم استهداف المستشفيات بسياسات ممنهجة شملت ضرب سيارات الإسعاف ومنع الإمدادات الأساسية، ما أدى إلى وفاة مئات المرضى الذين كانوا يعتمدون على الأجهزة الطبية.
الوضع الإنساني الكارثي
تزامن الهجوم على مستشفى كمال عدوان مع تدهور حاد في الأحوال الجوية، ما أدى إلى وفاة أربعة أطفال على الأقل بسبب انخفاض حرارة الجسم. تعاني غزة من انقطاع كامل للإمدادات الغذائية والطبية والمياه الصالحة للشرب، فيما تحذر المنظمات الدولية من أن هذه الإجراءات تشكل جرائم حرب وفقًا للقانون الدولي.
ردود الفعل الدولية
في الشهر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما تواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية.
يستمر الهجوم الإسرائيلي على غزة وسط إدانات دولية متزايدة، لكن دون تحركات فعّالة لوقف الكارثة الإنسانية التي تواجه القطاع.
الهجوم على مستشفى الشفاء: ضربة قاصمة للنظام الصحي في غزة
تعرض مستشفى الشفاء، أكبر منشأة طبية في قطاع غزة، لهجوم إسرائيلي عنيف خلال العملية العسكرية الحالية. يعتبر المستشفى رمزًا للصمود الصحي في القطاع، حيث يقدم خدمات طبية أساسية لأكثر من مليوني نسمة يعيشون تحت الحصار. إلا أن القصف المكثف والاقتحامات الإسرائيلية الأخيرة أدت إلى تعطيله بالكامل، ما ترك النظام الصحي في غزة في حالة شلل تام.
مستشفى الشفاء: نبذة تاريخية
يقع مستشفى الشفاء في مدينة غزة، ويعد المركز الطبي الأهم في القطاع. يضم أقسامًا متعددة، تشمل غرف العمليات، وحدات العناية المركزة، أقسام الطوارئ، ووحدات غسيل الكلى. قبل الهجوم، كان المستشفى يعالج آلاف المرضى يوميًا، بما في ذلك جرحى القصف اليومي على غزة.
تفاصيل الهجوم
بحسب تقارير وشهود عيان، شنت قوات الاحتلال غارات جوية مركزة على مستشفى الشفاء، أعقبها اقتحام بالقوات البرية. استهدفت الغارات البنية التحتية للمستشفى، بما في ذلك المولدات الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع خدمات الإنعاش والرعاية المركزة.
اقرأ أيضاً: مسؤولو الاتحاد الأوروبي تجاهلوا جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة.. وثيقة تكشف التفاصيل
دُمّرت أقسام رئيسية، مثل غرف العمليات ووحدات العناية المركزة. وقتل عدد من أفراد الطاقم الطبي أثناء محاولتهم إنقاذ المرضى، فيما أُجبر البقية على مغادرة المنشأة.
كما تُرك المرضى في حالة حرجة، خصوصًا أولئك الذين يعتمدون على أجهزة دعم الحياة.
التداعيات الإنسانية
الهجوم على مستشفى الشفاء أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية في غزة، حيث توقفت الخدمات الطبية الأساسية. تركت الضربة مئات المرضى، بما في ذلك الأطفال وحديثي الولادة، دون رعاية.
وفاة العشرات من المرضى الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى مستشفيات بديلة.
نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية الضرورية، خاصة مع الحصار المفروض على القطاع.
تفاقم الكارثة الإنسانية مع تزايد أعداد الجرحى في ظل عدم وجود منشآت طبية عاملة.
ردود الفعل الدولية
وأثار الهجوم على مستشفى الشفاء غضبًا دوليًا واسعًا، حيث اعتبرت منظمات حقوقية، منها منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، أن استهداف المنشآت الطبية يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
دعت الأمم المتحدة إلى تحقيق عاجل في الانتهاكات الإسرائيلية بحق النظام الصحي في غزة.
طالبت المحكمة الجنائية الدولية بإضافة استهداف المستشفيات إلى قائمة الاتهامات الموجهة إلى المسؤولين الإسرائيليين.
ويمثل الهجوم على مستشفى الشفاء نقطة تحول خطيرة في الأزمة الإنسانية بغزة، إذ يهدد بتدمير كامل للنظام الصحي. في ظل غياب أي حلول سياسية أو ضغط دولي جاد، يستمر المدنيون في دفع الثمن الباهظ لهذه الحرب التي تستهدف كل مقومات الحياة.