في ظل تصاعد المخاوف بشأن تأثير الهواتف الذكية على حياة الأطفال وسلوكهم، اتخذت عدة دول أوروبية إجراءات لتقييد استخدامها داخل المدارس. تأتي هذه الجهود استجابة لتوصيات تقرير صادر عن منظمة اليونسكو عام 2023، والذي شدد على ضرورة استخدام الهواتف الذكية في الفصول الدراسية فقط لدعم العملية التعليمية، محذرًا من تأثيرها السلبي على تركيز الطلاب.
وفقًا للتقارير الدولية، تبنت أكثر من 60 دولة حول العالم سياسات لتقييد الهواتف الذكية في المدارس. وسط جدل حول التوازن بين استخدامها للأغراض التعليمية وتأثيرها كعامل تشتيت.
أبرز السياسات الأوروبية لتقييد الهواتف الذكية
فرنسا: ريادة في الحظر الشامل
منذ عام 2018، فرضت فرنسا حظرًا على الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية والثانوية.
في عام 2023، أطلقت الحكومة مبادرة “الاستراحة الرقمية”، التي وسعت الحظر ليشمل 200 مدرسة إضافية، ما أثر على 50,000 طالب.
بريطانيا: جدل حول التشريع
رغم اقتراح مشروع قانون من حزب العمال لمعالجة إدمان الهواتف، تفضل الحكومة ترك القرار لإدارة المدارس.
أظهر استطلاع حديث تأييد 70% من البريطانيين لفرض قيود صارمة على استخدام الهواتف أثناء الدراسة.
هولندا: حظر شامل متعدد الأجهزة
بدءًا من يناير 2023، فرضت هولندا حظرًا على الهواتف و الساعات الذكية والأجهزة اللوحية في المدارس، مع استثناءات للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
سياسات أخرى: أوروبا تتنوع في نهجها
إيطاليا: قيود مرنة
يحظر استخدام الهواتف المحمولة في الفصول الدراسية إلا إذا كانت ضرورية لدعم التعليم الفردي أو الطلاب ذوي الإعاقات.
المجر: تطبيق صارم ومثير للجدل
في سبتمبر 2024، فرضت المجر حظرًا وطنيًا، لكن القرار قوبل بانتقادات من نقابة المعلمين التي وصفته بـ”العتيق”.
إسبانيا: سياسات إقليمية
تتولى الأقاليم في إسبانيا وضع سياسات خاصة بشأن الهواتف، مع اعتماد سبعة أقاليم حظرًا جزئيًا حتى الآن.
أيرلندا: استثمار في التغيير
خصصت الحكومة 9 ملايين يورو لتطبيق حظر كامل على استخدام الأطفال للهواتف الذكية في المدارس قبل نهاية العام الدراسي.
التحديات والتوقعات المستقبلية
وفقًا لتقرير برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA) لعام 2022، أظهرت السياسات الحازمة تأثيرًا إيجابيًا في تقليل تشتيت الانتباه.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى صعوبة التطبيق، حيث أفاد 30% من الطلاب في الدول التي تفرض الحظر باستخدام الهواتف داخل المدارس بشكل متكرر.
الهواتف الذكية والتعليم: جدل مستمر
مع اتجاه المزيد من الدول الأوروبية نحو حظر الهواتف في المدارس، يظل التحدي الأكبر هو ضمان التنفيذ الفعلي لهذه القوانين. ورغم التباين في النهج بين الدول، فإن الهدف المشترك يبقى تحسين جودة التعليم وتقليل التشتت، مما يعكس أهمية القضية في السياسات التعليمية المستقبلية.