رأى الكاتب الفلسطيني حلمى الغول أن اعتقال الأجهزة الأمنية اللبنانية، للعمل نور “خليل” أبو معزة، لا سيما وان المذكور كان على صلة مع رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، ومع نائبه صالح العاروري ومع غيرهم في غزة وتركيا ولبنان، بمثابة ضربة قوية للحركة الإسلامية.
فمنهم كما يقول الغول من “بارك” اعتقاله، كما علي بركة، ومنهم من تبرأ منه، وغيرهم. من نفى صلته به، كما العاروري، وبعضهم انكر عضويته في الحركة. وهو ما يكشف التعلثم والتخبط في مواقف قيادة الانقلاب الأسود.
عملاء حماس.. نور أبو معزة نموذجاً
ويؤكد ان ابن احد رموز حماس في قطاع غزة يعمل مع جهاز الموساد الإسرائيلي من عام 2015. وقام وفق التقارير العليمة بتجنيد مجموعة من الأجهزة الامنية لفرع الاخوان المسلمين في فلسطين، مما دفع قيادة القسام بشن حملة اعتقالات من داخل كتائب القسام نفسها. وجهاز الامن العام، ووحدة الكوماندوز البحري، ومن يعملون في الانفاق. وعناصر من وحدة الظل، بالإضافة لدوره في الكشف عن مخبأ سري غرب غزة لتخزين السلاح الخطير، الذي تم تفجيره بواسطة طائرة دون طيار إسرائيلية لكن القسام تكتم عليها.
اقرأ أيضاً: اسم “فلسطين” يحرق دم الإسرائيليين في تصفيات أبطال أوروبا
ولم يكن تزامن حملة الاعتقالات للعملاء مع اعتقال أبو معزة بالصدفة، وانما له عميق الصلة. باعترافات العميل الحمساوي الذي اعترف بمسؤوليته عن تفجير المسجد في مخيم برج الشمالي، وعن اغتيال العديد من أعضاء الحركة في الضفة الفلسطينية، كونه كان على تماس مع العاروري مسؤول الضفة. ويقال انه كان احد مساعديه، وأيضا لعب دورا أساسيا في اغتيال عدد من كوادر حماس في غزة، بحكم عمله وتنقله في أوساط أجهزتها قبل سفره لتركيا.
وكانت صحيفة “الاخبار اللبنانية نشرت يوم الجمعة الماضي (22/9/2023) تقريرا عن اعتقال. فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللبناني قبل أسابيع عدة احد كوادر حركة حماس في صيدا على خلفية الاشتباه بالتعامل مع إسرائيل. ووفق تقرير الصحيفة، فإن الاستخبارات الإسرائيلية جندته عبر عملية امنية خاصة، وأشرفت على تنقله من قطاع غزة الى تركيا ومنها الى لبنان. حيث قامت قيادة حماس بتوفير مقر إقامة له في المبنى نفسه، الذي يقيم فيه المسؤول المالي للحركة، وباشر عمله ضمن الوحدات السرية التابعة لحماس في لبنان.
نور أبو معزة وعلاقات والده
وهناك معطيات كثيرة تضمنتها التقارير الأمنية والإعلامية عن العميل نور أبو المعزة، الذي استغل علاقات. والده المقيم في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة للوصول الى مواقع مهمة في الحركة. مما ترك أثارا خطيرة على الوطنيين في حماس، وعلى الساحة الفلسطينية عموما. ولا يتسع هنا المقام لنشر التفاصيل كافة.
وما تقدم يكفي لاماطة اللثام عن الدور الخطر الذي مثله وجوده في الساحات المختلفة، وعن المعلومات التي نقلها للموساد الإسرائيلي، وعن دوره الرئيس في تجنيد شبكة من أوساط اجهزة النخبة في حركة الانقلاب، وعن جريمة البرج الشمالي.
اقرأ أيضاً: باحث مغربي يُخون الفلسطينيين بعد دعوة محمد السادس لنتنياهو على “الكُسْكسي”
كما ان افتضاح دور الجاسوس أبو معزة أخرس، او يفترض ان يلجم قادة حماس عن الاتهامات الباطلة. لابناء حركة فتح ب”تفجير” المسجد في مخيم برج الشمالي. لكن هيهات ان تكف جماعة الانقلاب عن دورها التخريبي في الساحة الفلسطينية. وضد حركة فتح والسلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية، وضد شخص الرئيس محمود عباس شخصيا.
لان هذا يتنافى مع دورها الوظيفي، الذي لم يقتصر على الانقلاب الأسود في أواسط حزيران / يونيو 2007، وإقامة الامارة الحمساوية في قطاع غزة.
ورفض الوحدة الوطنية، رغم التوقيع على العديد من أوراق واتفاقات المصالحة الوطنية، وانما عبر مواصلتها دس السم في العسل. من خلال الادعاء، انها “مشروع مقاومة”، ومن خلال إثارة الفتن والتحريض والتزوير للحقائق وتشويه دور الشرعية الوطنية.
وهذا لمن يدرك ويعرف خلفية جماعة الاخوان المسلمين عموما، وفرعها في فلسطين ليس مستغربا. ولا امراً استثنائيا او مفاجئا لاحد. لان قيادة الحركة نفسها ارتضت ان تكون أداة وظيفية لخدمة اجندات إسرائيلية وإقليمية، تحت غطاء ادعائها انها من “تيار الممانعة والمقاومة” لتغطي عوراتها الخبيثة والجهنمية.
حماس الممزقة
وللأسف الشديد هناك العديد من القوى الفلسطينية والعربية تساوقت، وتتساوق معها حتى اليوم وغدا. لاسباب تتعلق بعجزها، ورفضها الاستماع لصوت العقل والمنطق الوطني، وتحاول ان تغطي خطاياها بغربال وشعار “المقاومة” الممزق.
ولم يكن العميل أبو معزة الأول في عمالته، ولن يكون الأخير. لان الأيام والشواهد اكدت. ان حركة حماس مخترقة من الرأس الى أخمص القدم. وطبيعي ان ينتشر العملاء في صفوفها كالفطر، فإذا كان “رب البيت على الدف ضارب، فإن شيمة اهل البيت الرقص”.
اقرأ أيضاً: الملك الغامض.. محمد السادس حياته الخفية من نزهات وعشاء وأجهزة سرية
والباقي عند الوطنيين والمخلصين من أبناء حركة حماس ليراجعوا انفسهم، ويعودوا الى رشدهم. وينسحبوا من الحركة. لانها لا تمثلهم. وأيضا على القوى السياسية الفلسطينية والعربية إعادة نظر في سياساتها تجاه العلاقة مع فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين. إن شاؤوا التصالح مع الذات الوطنية والقومية.